لم يكن خطاب ماكرون" الرئيس الفرنسي" بالقاهرة عن تردي حالة حقوق الإنسان بمصر بالخطاب الكاشف، بل ولا بالحاد من تفاقم حالة التردي، فقد سبقه إلى ذلك برلمان الاتحاد الأوربي، والعديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية، بل والعديد من أعضاء الكونجرس الأمريكي، ومجلس العموم البريطاني. ولم يكن رد رأس النظام المصري بالمقنع، بل ولم ينم عن فهمه لطبيعة حقوق الإنسان، ولا بالمقر بوجود ثمة إنسان بمصر له حقوق سوى ما لم يسلبها السيسي بإرادته المنفردة، ولم يكن خطابه خطاب المبرر أو المستدرك، ومن ثم لم يكن مثيرًا للدهشة أو العجب أن يطلق أذرعه وأدواته المختلفة صوب الرجل، بل وصوب كل معارض ولو كان غير مصري،

فأصدرت النيابة العامة بياناً للرد على تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الصادر عام 2017 حول التعذيب في مصر، متهمة المنظمة بالكذب والتلفيق، وكذلك فعلت الهيئة العامة للاستعلامات، وعلى نفس الخُطا سارت وسائل إعلامه، وبعضًا ممن زعموا أنهم نواب عن الشعب، بل وتزامن مع كل ذلك حملة اعتقالات موسعة شملت قطاعات عريضة من الشعب، منهم العديد من شباب الثورة وبعض الرموز السياسية المعارضة (يحيى حسين عبد الهادي – جمال عبد الفتاح ....) ممن لا علاقة لهم بالإسلام السياسي.

وللوقوف على حجم المأساة رأينا المقارنة بين عدد الانتهاكات في شهر يناير عامي 2018 و2019

- فقد بلغ عدد انتهاكات القتل خارج نطاق القانون في شهر يناير 2018 (30 انتهاكًا) في مقابل 85 انتهاكاً في شهر يناير 2019.

- عدد انتهاكات الاختفاء القسري خلال شهر يناير 2018 (59) انتهاكًا. مقابل 219 انتهاكاً خلال شهر يناير 2019

- عدد انتهاكات القبض التعسفي خلال يناير 2018 (84) انتهاكاً مقابل (178) انتهاكاً خلال شهر يناير 2019

- عدد انتهاكات حقوق المرأة خلال شهر يناير 2018 (5) انتهاكات، في مقابل (10) انتهاكات خلال شهر يناير 2019

- عدد انتهاكات حقوق الأطفال خلال شهر يناير 2018 (2) انتهاكات، في مقابل (3) انتهاكات خلال شهر يناير 2019

- عدد الانتهاكات بحق المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان خلال شهر يناير 2018 (3) انتهاكات، في مقابل (6) انتهاكات خلال شهر يناير 2019.

في جمهورية الخوف التي صنعها النظام على عينه تحولت ما كانت تسمى مؤسسات الدولة من التبعية لدولة في خدمة الشعب، إلى التبعية لفرد يقهر الشعب، ويحكم بإرادة منفردة يُذعن لها دهاقنة الانهيار في شتى المجالات، المتوهمين بأن القهر يمكن أن يبنى مجدًا أو يصنع أمنًا أو يحقق استقرارًا.

ولعل في التقرير الماثل ما يبين أن الظلم والاستبداد في مصر قد بلغ مداه، واشتدَّ سواد ليله، وأوشك أن ينجلي.  

الناشر

منظمة نجدة لحقوق الإنسان

مرفق التقرير

المشهد الحقوقي المصري - شهر يناير - 2019.pdf