تاريخ الحدث 22/05/2018
المسئول عن الحدث الجيش
  

وصف الحدث

الجيش المصري يكثّف أعمال هدم المنازل في سيناء
تدمير بيوت وأراضٍ زراعية حول "المناطق العازلة"

(بيروت، 22 مايو/أيار 2018) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الجيش المصري وسّع كثيرا من أعمال هدم المنازل والبنايات التجارية والأراضٍي الزراعية شمال محافظة سيناء، منذ 9 فبراير/شباط 2018، ضمن حملته العسكرية ضد مجموعة منتمية لتنظيم "الدولة الإسلامية" هناك. أعمال الهدم الجديدة التي طالت مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية وما لا يقل عن 3 آلاف بيت وبناية تجارية، فضلا عن 600 بناية تم هدمها في يناير/كانون الثاني، هي الحملة الأكبر من نوعها منذ بدأ الجيش رسميا أعمال الإخلاء في 2014.

تجاوزت أعمال التدمير التي يُرجح أن أغلبها غير قانوني، المنطقتين العازلتين اللتين حددتهما الحكومة بمدينتي العريش ورفح. هدم الجيش أيضا عدة بيوت في العريش، في ما بدت أنها أعمال انتقامية من مشتبهين بالإرهاب ومعارضين سياسيين وأقاربهم.

قالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تحويل بيوت الناس إلى أنقاض هو جزء من نفس الخطة الأمنية المحكومة بالفشل التي ضيقت على الإمدادات الغذائية والتنقلات لإيلام سكان سيناء. يزعم الجيش المصري أنه يحمي الناس من المسلحين، لكن من المدهش الاعتقاد بأن تدمير البيوت وتشريد من سكنوا المكان مدى الحياة هي إجراءات ستجعلهم أكثر أمنا".

أدت أعمال الهدم والإخلاء القسري دون إشراف قضائي، ودون توفير مساعدة كافية للحصول على سكن مؤقت، إلى تفاقم الأثر الإنساني السلبي الذي أدت إليه القيود التي فرضها الجيش على سكان المنطقة، بحسب سكان محليين. نفذ الجيش أعمال هدم في شمال سيناء ضمن عملياته العسكرية الجارية منذ 2013، لكن في 2014 أعلنت الحكومة عن خطة لإخلاء السكان من شريط أمني عازل مساحته 79 كيلومتر مربع، يشمل مدينة رفح بالكامل، على الحدود مع غزة. قال الجيش إن الإخلاء مطلوب لإنهاء تهريب المقاتلين والأسلحة عبر الأنفاق من غزة. في الفترة من يوليو/تموز 2013 إلى أغسطس/آب 2015، هدم الجيش 3,250 بناية على الأقل، وفي أواخر 2017 استأنفت الحكومة هذه الإخلاءات القسرية.

اشتملت أعمال الهدم الأخيرة أيضا على بيوت في منطقة أمنية عازلة جديدة حول مطار العريش. قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن هذا مطلوب، بعد إعلان تنظيم "ولاية سيناء" (الجماعة المنتمية للدولة الإسلامية في سيناء) مسؤوليتها عن هجوم بصواريخ في 19 ديسمبر/كانون الأول 2017 على قاعدة جوية ومروحية عسكرية. بحسب بيان لجماعة ولاية سيناء، فالهجوم استهدف وزيري الدفاع والداخلية، اللذان كان يتفقدان المنطقة. لم يُصب الهجوم الوزيرين لكنه أسفر عن مقتل ضابط جيش وإصابة اثنين آخرين. وقع أيضا عدد مماثل من أعمال الهدم داخل مدينة العريش، أكبر مدن شمال سيناء من حيث تعداد السكان.

أرسلت هيومن رايتس ووتش رسائل في 10 و11 مايو/أيار 2018 إلى وزارة الدفاع المصرية وإلى محافظ شمال سيناء عبد الفتاح حرحور وإلى "الهيئة العامة للاستعلامات" للتقصي حول أعمال الهدم الجارية، لكن لم يصلها أي رد.

حللت هيومن رايتس ووتش مجموعة صور أقمار اصطناعية تم التقاطها على مدار الفترة من 15 يناير/كانون الثاني إلى 14 أبريل/نيسان وتوصلت إلى أدلة على تفشي أعمال الهدم في عدة قرى وبلدات في شمال سيناء. توصلت هيومن رايتس ووتش من تحليلها للخرائط والصور الجوية إلى أن الجيش هدم، خلال تلك الشهور، 3,600 بناية وجرّف مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية في مساحة 12 كيلومتر على امتداد الحدود مع غزة، فضلا عن جيوب صغيرة من الهدم لأكثر من 100 بناية شماليّ مطار العريش، الذي يقع جنوب المدينة مباشرة. تكشف الصور عن تصعيد كبير في أنشطة الهدم بعد 9 فبراير/شباط. وفيما تعرفت هيومن رايتس ووتش على أكثر من 600 بناية هُدمت في يناير/كانون الثاني ومطلع فبراير/شباط، فإن الجيش قد هدم بعدها ما لا يقل عن 3 آلاف بيت بين 9 فبراير/شباط – حين أعلنت الحكومة عن حملة أمنية كبيرة جديدة – و15 أبريل/نيسان. إجمالي عدد البنايات المهدومة إلى الآن في عام 2018 هو الأكبر منذ أمرت الحكومة بإخلاء سكان منطقة رفح العازلة في أكتوبر/تشرين الأول 2014.

أغلب البنايات المهدومة كانت تلك التي بقيت قائمة بعد تهيئة المنطقة الأمنية العازلة بامتداد 5 كيلومترات في رفح. الآن، هدم الجيش المدينة بالكامل تقريبا، والتي كان يقطنها نحو 70 ألف من السكان. كما هدم الجيش أيضا 250 بناية على الأقل خارج نطاق هذه المنطقة العازلة منذ أواسط يناير/كانون الثاني بالإضافة لمئات أخرى يُرجح أنه هدمها في 2017، بحسب تحليل صور الأقمار الصناعية الذي أجرته هيومن رايتس ووتش. كما يبدو أن الجيش شرع في بناء حاجز من الأسلاك الشائكة لفصل المنطقة الأمنية في رفح بامتداد 5 كيلومترات عن باقي سيناء، حسب ما نشر موقع مدى مصر الإخباري المستقل في 18 مايو/أيار.

أشار 3 شهود تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش – فضلا عن تقارير إعلامية تعضد شهاداتهم – إلى أن قوات الأمن – المكونة من الجيش بالأساس – هدمت وأحرقت عدة مباني في العريش زعمت أن مشتبهين أو أقارب لمسلحين كانوا يملكونها. تكرر إعلان الجيش عن أعمال هدم لعشرات من "أوكار الإرهابيين" والمركبات الخاصة بهم دون تقديم تفاصيل إضافية. قال باحث في "مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية" وهو مركز بحثي حكومي، إنه وبناء على تصريحات الجيش الرسمية، هدم الجيش نحو 3,700 "وكر وملجأ ومخزن" للإرهابيين، في غضون 10 أسابيع من بعد بداية عملية 9 فبراير/شباط.

قال شهود وضحايا أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات معهم عن بُعد إن الجيش بدأ في هدم البيوت وتجريف المزارع حول مطار العريش مباشرة بعد إعلان الرئيس السيسي عن منطقة عازلة بمساحة 5 كيلومترات حول المطار، في يناير/كانون الثاني 2018.

قال رجل يعيش خارج مصر ودُمر بيت أسرته بالمدينة: "اتصل بي أخي الصغير وقال إن قوات الأمن حضرت وأجبرت أمي وجدتي وشقيقي الأصغر على مغادرة البيت. ثم أشعلوا فيه النار".

في 5 يناير/كانون الثاني قالت "اللجنة الشعبية بمدينة العريش"، وهي تجمع مستقل من قادة العشائر والنشطاء، في بيان لها إن حملة الجيش المتصاعدة في المدينة ولدى التمركزات العسكرية وأعمال هدم المنازل "تمهد الطريق" أمام "تكرار ما حدث في رفح".

طالبت اللجنة الحكومة بالسماح للمجالس المحلية الشعبية – وهي آلية تقليدية للتشاور المجتمعي عبر ممثلين محليين – بالتفاوض وتقديم المطالب إلى السلطات. قالت هيومن رايتس ووتش إن الإخلاءات القسرية – حتى عندما تكون مبررة لأسباب أمنية – يجب ألا تُنفذ إلا بعد إجراء مشاورات موسعة وشفافة مع المجتمع المحلي، لضمان توفر عملية نزيهة.

يحظر القانون الدولي "الإخلاء القسري"، وتعريفه هو الإخلاء الدائم أو المؤقت للأفراد أو العائلات أو المجتمعات ضد إرادتهم من بيوتهم أو أراضيهم، دون إتاحة الأشكال المناسبة من الحماية القانونية وأشكال الحماية الأخرى. تدابير الحماية هذه تشمل إجراء السلطات لمشاورات حقيقية مع السكان، وإتاحة مهلة زمنية معقولة، وتقديم تعويضات مناسبة أو إسكان بديل. وفي مناطق النزاعات تعد الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية محظورة، بما يشمل هدم بيوت السكان، في غياب ضرورة عسكرية مُلزمة بالهدم.

قالت ويتسن: "الالتزام بالقانون هو ما يجب أن يميز قوات إنفاذ القانون عن الجماعات الإجرامية، لكن يبدو أن سكان سيناء عالقين بين نارين: هدم الجيش للبيوت من جهة، وعنف تنظيم ولاية سيناء الغاشم من جهة أخرى".